بعد الرحلة المضنية التي شهدها رسول الله محمد، وبعد تكذيب كفار قريش له، وتصديق أصحابه رضي الله عنهم لدعوته، استمر رسول الله يغتنم فرصة مواسم الحج فيدعو الناس للإيمان بالله وترك عبادة الأوثان.
عرض النبي على القبائل العربية
استمر الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم في دعوته بالرغم من كل الصعوبات التي كانت تواجهه , وواجهها بالصبر والثبات والتحمل , مغتنما كل الفرص لنشر الدعوة بين الناس باحثا عن جهة تمنعه من قريش و ظلمها, ليتمكن من تبليغ الدعوة فكان رسول الله يغتنم المواسم التي تحدث في مكة فيخرج إلى أسواقها ليلتقي وفود القبائل العربية إليها و يعرض عليهم دعوته .
اخذ رسول الله يعرض دعوته على وفود هذه القبائل العربية و يخبرهم بحقيقة ما جاء به , وأنه رسول موحى إليه من الله , ويسألهم أن يستجيبوا له ويتبعوه.
و قد عرض رسول الله دعوته على بني حنيفة, و قبيلتي كلب و كندة. فلم يستجيبو لدعوته, أما بنو عامر فقد اشترطوا للدخول في هذا الدين أن يكون الملك لهم من بعد رسول الله فرد عليهم الرسول بأن الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء , فرفضو الاستجابة لدعوته. و بينما كان رسول الله يعرض دعوته كان عمه أبو لهب يتبعه إلى تلك القبائل العربية يحثها على عدم تصديق رسول الله متهما اياه بالكذب و الجنون.
استمر رسول الله في دعوتهم يخاطب وفود القبائل العربية و يلتقيهم حرصا على هدايتهم حتى كانت السنة الحادية عشرة للبعثة عندما التقى ستة أشخاص من الخزرج كانوا في قافلة لهم قادمة من يثرب , فعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن الكريم , فشرح الله صدورهم و استجابوا لدعوة رسول الله ثم عادوا إلى يثرب بعد أن اتفقوا معه على أن يلقوه في العام القادم.
بيعة العقبة الأولى
وفي العام الحادي عشر من البعثة النبوية جاءت وفود من قبيلتي الأوس والخزرج، وهي من أكبر قبائل يثرب، جاءوا من المدينة إلى مكة، فسمعوا بدعوة رسول الله فآمنوا به وصدقوه وفي العام الثاني عشر عادت جماعات منهم وأخبروا قومهم بما سمعوا ورأوا، وبايعوا رسول الله البيعة الأولى، وسُميت بيعة العقبة الأولى، وطلبوا منه أن يرسل معهم تلميذه مصعب بن عمير ليعلمهم القرأن الكريم. واجتهد مصعب بن عمير اجتهادا عجيبا لنشر الدعوة الإسلامية وسمي بأول سفير في الإسلام. وبدأ الإسلام ينتشر في المدينة فأسلم أبناء عمرو بن الجموح، وأسلم بعدها عمرو بن الجموح نفسه، ثم أسلم الطفيل بن عمرو وهو سيد قبيلة دوس وذهب الطفيل يدعو في قومة حتى أسلمت قبيلة دوس جميعاً وآتى بهم يبايعون رسول الله. وانتشر الإسلام انتشارا هائلا ذلك العام بعد تكذيب كفار مكة ومحنة الطائف.
بيعة العقبة الثانية
في العام الثالث عشر من الدعوة الإسلامية، أتى من المدينة (يثرب حينئذ) ثلاثة وسبعون رجلاً وإمرأتان من قبيلتي الأوس والخزرج، فجلسوا مع رسول الله واتفقوا معه على تأييده في دعوته. ثم إنهم بايعوه على أن يحموه ومن معه كما يحمون أبناءهم وإخوانهم ولهم الجنة، ودعوا رسول الله لزيارة مدينتهم فقبل دعوتهم لأسباب عديدة منها: أن رسول الله كان يريد بلداً آمناً لينشر رسالة ربه عز وجل، أما أهل يثرب فقد وجدوا في هذه البيعة حلفاً سياسياً يقوي شأنهم ضد اليهود وإجلائهم عن أراضيهم ويخفف العداوة بين أهل يثرب من الأوس والخزرج، بجانب هذا في المدينة بيت أخوال رسول الله وقبر أبيه عبد الله وفي منتصف الطريق يوجد قبر أمه آمنة بنت وهب فهي كذلك صلة رحم.