معلومات تاريخية حول مدينة وجدة

تقديم عام:
تغطي ولاية الجهة الشرقية مساحة 82.820كلم² أي 11,6% من المساحة الإجمالية للمملكة. وحسب التقسيم الإداري الجديد أصبحت الجهة تتكون من 6 وحدات إدارية كبرى وهي: عمالة وجدة أنجاد - أقاليم الناظور - تاوريرت – بركان – جرادة – فجيج .
تمتد الجهة الشرقية على شكل مستطيل من الشمال إلى الجنوب على مسافة 580 كلم², ويحدها شمالاً البحر الأبيض المتوسط, وغرباً أقاليم الحسيمة, تازة وبولمان. ومن الشرق والجنوب الشرقي القطر الجزائري, ومن الجنوب الغربي إقليم الراشيدية.
وقد عرفت الجهة الشرقية منذ تاريخها القديم تراكماً حضارياً ساهم فيه بشكل أساسي موقعها كمنطقة عبور إلى جانب التنوع على تعدد المظاهر الاجتماعية للمنطقة الشرقية, وعلى إغناء المجال الثقافي بها.
يبرز هذا التنوع الثقافي في الجهة الشرقية بشكل واضح في المجال العمراني, إذ تمتد جذور وآثار هذه الجهة في ماض بعيد, ويرجع بعضها من حيث القدم إلى فجر التاريخ الإنساني. ولنا في بعض المآثر بمناطق تافوغالت وعين بني مطهر وفجيج, دلائل على أن الجهة كانت موطناً قديماً لسكنى الإنسان, إلا أن ما تعلق بأخبار هذا الإنسان وآثاره لم تجمع إلا في وقت متأخر جداً.غير أنه بالنسبة للعهد اليوناني الروماني فإننا نتوفر على إشارات من بطليموس, كان قد تحدث فيها عن المنطقة وأشار إلى بعض أسماء جهاتها وهو ما يدل على أن الرومان تركوا دون شك بعض الآثار التي دامت مع الزمن, وهو ما جعل بعض الأخبار الشفوية وتختلف الروايات أيضاً في تنمية آثار غير بعيدة عن دبدو يعتقد أنها من بقايا ما شيده الملك يوغرطة.
ويظهر أن الديانة المسيحية وبعض مآثرها ظلت بالجهة الشرقية إلى أن ورد العرب على المغرب, فأشار المؤرخون الذين كتبوا عن الجهة إلى تأسيس قادة الفتح الأول لبعض المعالم الدينية التي ظلت قائمة إلى اليوم, ومع الزمن ازدادت إلى هذه المآثر معالم أخرى دينية وعسكرية أغنت الجانب التاريخي والمعماري للجهة الشرقية.

المآثر الدينية

ترتبط المآثر الدينية في الجهة الشرقية عموماً بالديانات التوحيدية الثلاث ومن المآثر الإسلامية القائمة: تعتبر المآثر الإسلامية هي الأقدم على الإطلاق, إذ يرجع أول أثر إسلامي بالجهة إلى القرن الأول للهجرة, وتأتي بعدها مآثر الديانتين المسيحية واليهودية.
-البيع: رغم قدم اليهودية بأرض المغرب عموماً والجهة الشرقية خاصة, فإنها لم تترك ما يدل عليها, إلا أن غالبية مدن الجهة لا تخلو من أماكن عبادتهم, وهي أقل قدماً من المآثر الإسلامية, وأشهر مآثر الديانة اليهودية البيع الموجودة بمدينة وجدة وهي: بيعة أولاد ابن درعي – بيعة أولاد يشو – وبيعة الهبرة. وتعتبر مدينة دبدو كحضارة مرينية وإمارة مستقلة من جهة أخرى في وقت لاحق من العهد المريني, مستقراً لكثير من طوائف اليهود المغاربة والمهجرين الأندلسيين وهو ما جعل المدينة تعرف تشييد كثير من البيع بلغت في مجموعها خمساً وعشرين بيعة أهمها بيع الكواهنة وأولاد مرسيانو. ولا تكاد تخلو مدينة من مدن الجهة الشرقية من مثل هذه المعابد فأهم البيع في المدن شنوغات فجيج, وعين بني مطهر وتاوريرت والعيون وغيرها.
-الكنائس: لم تعرف الجهة الشرقية كنائس قديمة لكن أولى هذه الكنائس بني مع دخول الاستعمار وهذه الكنائس نوعان فرنسي واسباني ولا تخلو أية مدينة تقريباً من هذه الكنائس, وقد تحول بعضها في السنوات الأخيرة إلى مؤسسات ثقافية.
- المساجد:إثر دخول "عقبة الفتح" مدينة وجدة قادماً من مدينة الجدار (تلمسان) بني بنها مسجداً ظل يحمل اسمه إلى اليوم. ومع توالي حكم الدول على المغرب, اغتنت الجهة بمثل هذه المآثر الدينية فازداد إلى مسجد عقبة المسجد الكبير, وهو من المعالم التاريخية القيمة لمدينة وجدة, إذ يرجع تشييده إلى عهد السلطان "أبي يعقوب" المريني سنة 1298م .كم ظهرت في بعض مدن هذه الجهة مساجد أخرى كجامع الصومعة الحجرية بفجيج ومسجد للا جنادة بالناظور ومسجد دبدو وغيرها.
- الزوايا: عرفت الجهة الشرقية كغيرها من جهات المغرب الأخرى ظاهرة انتشار الزوايا التي اختلفت أسمائها باختلاف أسماء مؤسسيها والتي ابتدأت في العصر المريني, وتحولت إلى مراكز دينية وسياسية, وازدادت أهميتها بازدياد عدد أتباعها واتساع نفوذها وامتداد أملاكها, وأصبحت لها فروع في أكثر من جهة, وقد بلغ عددها في شمال الجهة ثمانية وثلاثين زاوية بغض النظر عن زوايا تيزي عونيت والحاج يحيى الورداني وكركر, والشيخ ميمون الشرقي وسيدي عبد الله وسيدي بو جداين, وفي جنوب الجهة تركزت أهم الزوايا بفجيج والتي من بينها: زاوية أولاد عبد الجبار – الزاوية الونشريسية – الزاوية السماحية – الزاوية السكونية – الزاوية البوعمامية - والزاوية الدرقاوية...

المآثر الدفاعية والعسكرية

اعتبرت الجهة الشرقية من بين أغنى جهات المغرب بالمآثر الدفاعية والعسكرية والتي كانت قد بنيت في فترات متباعدة ولغايات فرضتها الضرورة.
•الأسوار:لا تختلف المدن التاريخية للجهة الشرقية عن باقي حواضر المعرب الأخرى, فقد تميزت كله ومنذ بنائها الأول بوجود أسوار تحيط بها درعاً لما يمكن أن يباغتها من مكروه. ولهذا السبب أحيطت مثلاً مدينة وجدة منذ تأسيسها بأسوار عالية, تجددت بأكثر من خمس مرات, كما أن أسوار مدينة دبدو القديمة والتي تعلو الخندق المحيط بها لا زالت ماثلة إلى اليوم. وما قيل عن وجدة ودبدو يصدق إلى أبعد الحدود على غساسة المندرسة وفجيج.
•القصبات: لما كانت الجهة الشرقية منذ القديم بوابة المغرب الأقصى فقد انعكس وضعها ذلك على معمار الجهة, فظهرت في كل المناطق الإستراتيجية قصبات كان لها دور مشهود إما في رد القوى المعادية الآتية من الشرق أو في قمع التمردات الداخلية ومن أهم هذه القصبات: قصبة العيون – قصبة تاوريرت – قصبة عجرود – قصبة أمجاو – قصبة سلوان وغيرها...
•القلاع: وإن كانت القلاع لا تختلف في دورها عن دور القصبات إلا أنها كانت على عكسها فقد كانت موطناً أيضاً للقاطنين من غير الجيش. وقد اشتهر منها في الجهة الشرقية قلعة تازوطا.

تاريخ وجدة

يعود إنشاء المدينة القديمة وجدة إلى سنة 994م الموافق ل 384 هجرية على يد "زيري بن عطية المغراوي" وقد اتخذها عاصمة له بعدما امتد نفوذه إلى وسط المغرب. وهي توجد في ملتقى طرق هامة, كانت تمر بها القوافل من البحر إلى الصحراء, ومن فاس إلى تلمسان.
وتوفر عمالة وجدة - أنجاد العديد من المعطيات والمؤهلات السياحية الهامة والمتنوعة, تتمثل أساساً في رصيد حضاري وتاريخي عريق يمكن لمسه عبر المساجد, المدارس, الأسوار, الأبواب, والحمامات العتيقة, فضلاً عن المنتزهات الجبلية والمحطات الاستكشافية والواحات.
من المآثر التاريخية التي توجد بالعمالة نذكر:
-المدينة العتيقة:تمتد على مساحة 25 هكتار, يحيط بها السور القديم بأبوابه التي لم يتبقى منها بسبب التوسع العمراني سوى: باب الغربي – باب سيدي عبد الوهاب – وباب أهل الجمل.
-باب سيدي عبد الوهاب: يقع شرق المدينة ويرجع أصل تسميته إلى الولي الصالح "سيدي عبد الوهاب".
-باب الغربي: يقع غرب المدينة العتيقة, كان يعرف قديماً تحت اسم "سيدي عيسى".
-باب أهل الجمل: يشرف مباشرة على شارع محمد الخامس, حيث يتواجد شمال غرب المدينة.
-القصبة: لا زالت تحتفظ بهندستها المعمارية الخاصة وأزقتها ذات الطابع الخاص.
-صومعة سيدي عقبة: بنيت هذه الصومعة سنة 1297م وهي تشرف على ساحة سوق الماء, بهذا السوق كان يبتاع الماء الذي يستعمل لري البساتين.
-النافرات الثلاث: تعرف ب "3 سقاقي" ذات طابع معماري خاص. توجد بجانب أحد جدران الجامع الكبير.
-حامة بن قاشور: توجد بقلب مدينة وجدة وتشتهر هذه الحامة بشفائها للأمراض الجلدية والروماتيزمية حيث تزيد حرارة مياهها عن 50%.
-دار السبتي: يمكن إدراج هذه المعلمة ضمن التراث التاريخي لمدينة وجدة حيث أصبحت تستقطب مختلف التظاهرات والحفلات التي تشهدها المدينة.
-حديقة للا عائشة ومتحف للا مريم: يعدان من أهم الفضاءات الخضراء بالمدينة حيث تمتاز بجمال وتناسق أشجارها وبساطها الأخضر المزركش.
وتحتضن حديقة للا عائشة مسبح بلدي ومسبح رياضي مغطى يفتح أبوابه على مدار السنة.
كما يعتبر متحف للا مريم مقر النقابة المبادرة والإرشاد السياحي.
-منتزه سيدي معافة: يشكل أهم منتزه طبيعي بالمدينة, حيث يشهد تردداً هاماً للسكان خلال فصل الربيع, كما يعتبر فضاء خصباً لهواة الرياضة.
-واحة سيدي يحيى بن يونس: توجد على بعد 6 كلم فقط عن وسط مدينة وجدة, إنها ملتقى ثقافات متعددة وأديان مختلفة, تحتضن عدداً من الأضرحة لأولياء صالحين, أهمهم "ضريح سيدي يحيى بن يونس" الذي سميت الواحة على اسمه.
-مزار سيدي يحيى: يعد من أشهر المزارات التي يحج إليها أتباع الديانات السماوية الثلاث:
الإسلامية – المسيحية – واليهودية.
- مغارة الكهف: توجد بعين الصفا. تبعد بحوالي 30 كلم عن مدينة وجدة وهي من أهم المنتزهات الطبيعية بضاحية المدينة.
-ضريح الشريف سيدي عبد الوهاب: تأسس سنة 765 هجرية الموافق ل1345م. أصل مؤسسة "سيدي عبد الوهاب إدريسي" هاجر أبويه من بغداد بالعراق إلى الجزائر مسقط رأسه والتي درس بها إلى أن تخرج قاضي توثيق ثم هاجر إلى المغرب سنة تأسيس الضريح. توفي بمدينة فاس ودفن بضريح "إدريس الأزهر".

جزاك الله خيرا
تسلم الايادي على الطرح