آداب الجلوس و المجلس
حياة المسلم كلها خاضعة تابعة للمنهج الإسلامي الذي تناول كل شأن من شؤون الحياة حتى جلوس المسلم وكيفية مجالسته لإخوانه، فلذا أوجب على المسلم أن يلتزم بالآداب التالية في جلوسه ومجالسته:
1- إذا أراد أن يجلس فإنه يسلم على أهل المجلس أولا، ثم يجلس حيث انتهى به المجلس، ولا يقيمن أحدا من مجلسه ليقعد فيه، ولا يجلس بين اثنين إلا بإذنهما ،لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يقيمن أحدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه، ولكن توسعوا أو تفسحوا. " رواه مسلم.
2- إذا قام أحد من مجلسه وعاد إليه فهو أحق به لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " إذا قام أحدكم من مجلس ثم رجع إليه فهو أحق به ." رواه مسلم.
3- لايجلس في وسط الحلقة لقول حذيفة: " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من جلس في وسط الحلقة." رواه أبو داوود بإسناد حسن.
4 - إذا جلس يراعي الآداب الآتية: أن يجلس وعليه وقار وسكينة، ولا يشبك بين أصابعه، ولا يعبث بلحيته أو خاتمه ، ولا يخلل أسنانه أو يدخل أصبعه في أنفه أو يكثر من البصاق و التنخم أو يكثر من التثاؤب، وليكن مجلسه هادئا قليل الحركة، وليكن كلامه منظوما متزنا، وإذا تحدث فليتحرى الصواب، ولا يكثر من الكلام، وليتجنب المزاح والمراء، وأن لا يتحدث بإعجاب عن أهله وأولاده أو عمله، وإذا تحدث غيره أصغى إليه غير مفرط في الإعجاب بحديث من يسمعه، وأن لا يقاطع الكلام أو يطلب إليه إعادته، لأن ذلك يسوء المتحدث.
والمسلم إذ يلتزم هذه الآداب إنما يلتزمها لأمرين؛ أحدهما : أن لا يؤذي إخوانه بخلقه أو عمله؛ لأن أذية المسلم حرام
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده). و الثاني: أن يجلب محبة إخوانه ومؤالفتهم، إذ أمر الشارع بالتحابب و المؤالفة بين المسلمين وحث على ذلك.
5 - إذا أراد الجلوس في الطرقات فإنه يراعي الآداب الآتية:
أ - غض البصر، فلا يفتح بصره في مارة من المؤمنات، أو واقفة ببابها أو مستشرفة على شرفات منزلها، أو مطلة على نافذتها لحاجتها، كما لا يرسل نظره حاسدا لأحد، أو زاريا على أحد.
ب - أن يكف أذاه عن المارة من سائر الناس فلا يؤذي أحدا بلسانه سابا شاتما، أو عائبا مقبحا، ولا بيده ضاربا لاكما، ولا سالبا لمال غيره غاصبا، ولا معترضا في الطريق صادا المارة، قاطعا سبيلهم.
ج - أن يرد سلام كل من سلم عليه من المارة إذ أن رد السلام واجب لقوله تعالى: { وإذا حييتم بتحية فحييوا بأحسن منها او ردوها}النساء: 86
د - أن يأمر بمعروف ترك أمامه و أهمل شأنه وهو يشاهده ، إذ هو مسؤول في هذه الحال عن الأمر به؛ لأن الأمر بالمعروف فريضة كل مسلم يتعين عليه ولا يسقط إلا بالقيام به، ومثاله أن ينادى للصلاة ولا يجيب الحاضرون من أهل المجلس فإنه يتعين عليه أن يأمرهم بإجابة المنادي للصلاة إذ هذا من المعروف فلما ترك وجب عليه أن يأمر به.
ه - أن ينهى عن كل منكر يشاهده يرتكب أمامه، إذ تغيير المنكر كالأمر بالمعروف وظيفة كل مسلم لقوله صلى الله عليه وسلم : " من رأى منكم منكرا فليغيره" رواه مسلم ورواه الترمذي. ومثاله أن يبغي أمامه أحدا على آخر فيضربه أويسلبه ماله ، فإنه يجب عليه في هذه الحال أن يغير المنكر فيقف في وجه الظلم و العدوان في حدود طاقته وسعته.
و- أن يرشد الضال عن منزل أو طريق أو أحد من الناس.
كل هذا من آداب الجلوس في الطرقات، كأمام المنازل، و الدكاكين والمقاهي، أو الساحات العامة والحدائق ونحوها، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والجلوس على الطرقات".فقالوا: ما لنا بد، إنما هي مجالسنا نتحدث فيها. قال: " فإذا أبيتم إلا المجالس فاعطوا الطريق حقها". قالوا : وما حق الطريق؟ قال : " غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر". وفي بعض الروايات زيادة : " وإرشاد الضال".رواه البخاري.
ومن آداب الجلوس أن يستغفر الله عند قيامه من مجلسه تكفيرا لما عساه أن يكون قد ألم به في مجلسه، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يقوم من المجلس يقول:" سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ان لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك" رواه الترمذي. وسئل عن ذلك فقال:" إنها كفارة لما يكون في المجلس". رواه أبو داوود.