إن من البيان لسحراً

إن من البيان لسحراً

أول من تلفظ به النبي صلى الله عليه وآله وسلم
حينما قال لعمرو بن الاهتم : أخبرنا عن الزبرقان ؟
فقال: إنه مطاع في أدنيه ، شديد العارضة ، مانع لما وراء ظهره .
فقال الزبرقان: يا رسول الله ، إنه ليعلم مني أكثر من ذلك ، ولكن حسدني .
فقال عمرو: والله يا رسول الله ، إنه لزمر المروءة ، ضيق العطن ، حديث الغنى ، أحمق الوالد ، لئيم الخال ، وما كذبت في الاولى ،
ولقد صدقت في الاخرى ، رضيت فقلت بأحسن ما علمت ،
وسخطت فقلت بأسوأ ما علمت .
فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: " إن من البيان لسحراً " .
قالوا : أذم البيان أم مدحه؟
فقيل: ذمه؛ لان السحر تمويه ، إن من البيان ما يموه الباطل حتى يشبهه بالحق .
وقيل : بل مدحه، لان البيان من الفهم والذكاء.
وقيل أنه مدحه، وتسميته إياه سحراً إنما هو على جهة التعجب منه ، لانه لما ذم عمرو الزبرقان ومدحه في حال واحدة ، وصدق في مدحه وذمه فيما ذكر ، عجب النبي صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك كما يعجب من السحر، فسماه سحراً من هذا الوجه.
وقد أجمع أهل البلاغة على أن تصوير الحق في صورة الباطل، والباطل في صورة الحق من ارفع درجات البلاغة .
وقد روي هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من جهة أخرى ، بقوله صلى الله عليه وآله وسلم : " إن من البيان لسحراً، وإن من الشعر لحكماً، وإن من العلم جهلا وإن من القول عيالا" . قوله: " إن من العلم جهلا " يعني تكلف العالم القول فيما يجهله . وقوله: " إن من القول عيالا " يعني عرض الكلام على من ليس من شأنه . والحكم: الحكمة ، وقيل يعني قوله: إن من البيان لسحراً، أن البليغ يبلغ ببيانه ما يبلغ الساحر بلطافة حيلته في سحره.

جزاك الله خيرا
ننتظر جديدك